الذوق... سلوك الروح

د علي جبران

بدعوة من ممثلة قسم الدراسات الإسلامية\ كلية الشريعة

مدرج التربية\جامعة اليرموك

19\4\2011

ملخص المحاضرة

 

الذوق هو تلك الحاسَّة المعنوية الشفَّافة التي تدعو صاحبَهَا إلى مراعاة مشاعر الآخرين، وأحوالهم، وظروفهم، وهو أدبيَّات التعامل مع الناس، وهو الفنُّ الجميل في العَلاقة مع الآخرين.

 

الذوق خلق؟!..نعم هو خلق بكل ما تحمل الكلمة من معان ودلالات، بل قل إن شئت إنه خلق رفيع المستوى، فلئن رأيت أدباً في الحديث، ورقياً في الحوار، وتحضراً في الطرح والمناقشة..فهذا من قبيل الذوق، ولئن شاهدت حياء وخجلاً من إتيان المنبوذ من القول والفعل..فهذا من بنود الذوق، ولئن رأيت سلوكاً متحضراً في الشارع والجامع والجامعة..فهذا من إنتاج الذوق، ولئن رأيت احتراماً للقيم والآداب العامة بلا رقابة أو وصاية..فهذا من فروض الذوق، ولئن رأيت نقيض كل ذلك..فاعلم أنه لا ذوق..!!.

 

إذاً فالذوق خلق ذو خصوصية شديدة، لامتلاكه ناصية التعبير عن الإنسانية الراقية المهذبة بدلالات الأقوال والأفعال والسلوكيات العفوية أو التلقائية، التي تصدر عن صاحبها وهو يمارس حياته العادية بلا تكلف ولا تمثيل ولا تقعر، بحيث تشعر أنها عادة ولازمة سلوكية لا تنفصل عن الإنسان أو ينفصل عنها مهما كانت المنغصات أو المشكلات أو الضغوط التي يتعرض لها وهو يسعى متحركاً بين الناس، يتعامل مع كبيرهم وصغيرهم، وقويهم وضعيفهم، وسيدهم وخادمهم، فلا ترى اختلافاً في التعامل بين هذا وذاك، فعندئذٍ يوضع الذوق على المحك العملي لبيان صدقه من زيفه.

 

يقول الله تعالى:

(ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون). (النحل/6)
(إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً). (الكهف/7)
(قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده). (الأعراف/32)
(يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد). (الأعراف/31)

 

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال..."

 

- جمال الذوق في طريقة المشي والصوت: قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْـجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} [الفرقان: 63]. وقال تعالى: {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْـحَمِيرِ} [لقمان: 18، 19].

 

جمال الذوق في عدم إزعاج الآخرين: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْـحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4]. ونزلت هذه الآيات في أناسٍ من الأعراب، الذين وصفهم الله تعالى بالجفاء، وأنهم أجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، قَدِموا وافدين على رسول الله ، فوجدوه في بيته وحجرات نسائه، فلم يصبروا ويتأدبوا حتى يخرج، بل نادوه: يا محمد يا محمد، (أي: اخرج إلينا)، فذمَّهم الله بعدم العقل، حيث لم يعقلوا عن الله الأدب مع رسوله واحترامه، كما أنَّ من العقل وعلامته استعمال الأدب"

 

جمال الذوق في الشارع والطريق: روى أبو سعيد الخدري t أن النبي قال: "إِيَّاكُمْ وَالْـجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ". فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بُدٌّ، نتحدَّث فيها. فقال: "إِذْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْـمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ". قالوا: وما حقُّ الطريق يا رسول الله؟ قال: "غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْـمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْـمُنْكَرِ"

 

جمال الذوق في الضيافة والاستئذان: قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: 27]. وقال الرسول : "الاِسْتِئْذَانُ ثَلاَثٌ؛ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ، وَإِلاَّ فَارْجِعْ"

جمال الذوق في العطس: فعن أبي هريرة قال: كان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فِيه، وخفض بها صوته

 

جمال الذوق في التثاؤب: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: "التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ"

 

جمال الذوق في الرائحة: عن جابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : "مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -يُرِيدُ الثُّومَ- فَلاَ يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا"

 

جمال الذوق في المصافحة: عن أنس بن مالك أن النبي : كان إذا صافح رجلاً لم يترك يده حتى يكون هو التارك ليدِ رسول الله

 

جمال الذوق في الجلوس: "نهى أن يجلس الرجل بين الرجلين إلا بإذنهما"

 

جمال الذوق في عدم إيذاء شعور الآخرين: فكان الرسول يتحاشى أن يواجه الناس بالعتاب المباشر، فكان يقول في ذلك: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ..." وروى عبد الله بن مسعود t أن النبي قال: "إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى رَجُلاَنِ دُونَ الآخَرِ، حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ؛ أَجْلَ أَنْ يُحْزِنَهُ"

 

جمال الذوق في احترام الكبير، ورحمة الصغير، وإنزال الناس منازلهم: فروى عبادة بن الصامت t قال: قال النبي : "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا"

 

جمال الذوق في شكر الناس: قال : "لا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ"

 

 - جمال الذوق في قلب المشكلة: ومنها مراعاته لزوجته عائشة حين غارت من طبق طعام جاء للنبي من زوجته أم سلمة؛ يروي البخاري عن أنس قال: كان النَّبيُّ عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمَّهات المؤمنين بِصَحْفَةٍ فيها طعامٌ، فضربت الَّتي النَّبيُّ في بيتها يد الخادم فسقطت الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فجمع النَّبيُّ فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثمَّ جعل يجمع فيها الطَّعام الَّذي كان في الصَّحفة ويقول: "غَارَتْ أُمُّكُمْ". ثمَّ حبس الخادم حتَّى أُتِيَ بصحفةٍ من عند الَّتي هو في بيتها، فدفع الصَّحفة الصَّحيحة إلى الَّتي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وأمسك المكسورة في بيت الَّتي كَسَرَتْ

فلم ينهرها أمام الخادم، ولم يواجه غيرتها بعنفٍ، بل لاطفها بقوله: "غَارَتْ أُمُّكُمْ". وتأمل هذا التقدير لها في اختياره لفظ (أمكم)، فلم يقل: غارت الفتاة، أو غارت عائشة، أو ما شابه.

 

تجد قضية الذوق ما بين الرجل و المرأة ذوقا عاليا. كانت عائشة تداعب النبي صلى الله عليه وسلم – كما روى أبو نعيم في (الحلية)- كيف أنا عندك يا رسول الله ؟ فكان يبتسم و يقول (كعقدة الحبل). أي: شيئ مرتبط لا ينفك ، فكل مدة تداعبه و تقول : كيف العقدة ؟ فيجيب : (كما هي يا عائشة). هذا ذوق من الزوجة لزوجها.


و كان يقم البيت، أي يكنسه، و في مهنة أهله يمزق معهن اللحم، ويخسف نعله ، و يرقع ثوبه صلى الله عليه و سلم، كأنه واحد منا و أننا منه.و هكذا تصفه السيدة عائشة في بيته صلى الله عليه و سلم : (فإذا حاء وقت الصلاة كأنه لا يعرفنا و لا نعرفه)، حتى إن قطا بريا كان في بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، كان يستأنس بأن تضع أم المؤمنين عائشة له الطعام ، فكان يستأنس داخل البيت ، كان يمزق الستور و الوسائد و يلعب هنا و هناك – كما هي عادة القطط - فكان إذا دخل النبي صلى الله عليه و سلم سكن في ركن الحجرة أو في ركن البيت فلا يتحرك حتى يخرج النبي صلى الله عليه و سلم. هذا ذوق من النبي صلى الله عليه و سلم في التعامل لم يقل: أخرجوا القط أو كذا ، ويقول عن الهررة: ( هن من الطوافين عليكم و الطوافات) أي من كثيرات الزيارة، حتى أنه أباح العماء أن نتوضأ مما شربت منه الهرة، لكن لم يبح لنا الإسلام أن نشرب من سؤر أسد أو حيوانات مفترسة لأنها ربما فيها نجاسة. 

و كان الصديق رضي الله عنه يقول: بهلاكي أنا هلاك رجل واحد، وبهلاكك أنت هلاك أمة بأسرها يا رسول الله !!فلما اقتربو من المدينة ، جٌلُّ أهل المدينة لم يروا الرسول صلى الله عليه وسلم – أي لم ير الرسول إلا اصحاب بيعة العقبة، إثنان و سبعون رجلا وإثنتا عشرة امرأة، و مارأى الرسول من أهل المدينة إلا أربعة و ثمانون فقط - كان أهل المدينة كل يوم يخرجون إلى حدود المدينة، فأبو بكر يتقدم لأنه داخل على أرض جديدة و ناس جدد و الحذر مطلوب و الحذر على من؟ على أكرم إنسان عرفته هذه البشرية صلى الله عليه وسلم. فلما أحس أبو بكر أن أهل المدينة قادمون للسلام عليه على أنه رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان أبوبكر في قمة الذوق الإنساني ، فهو لا يريد أن يقول أنا لست محمد ، انا لست رسول الله ، و إنما تأخر قليلا وظلل بثوبه رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ففهم الأنصار أن هذا رسول الله. هذا أدب عال، 


و أيضا قال أبو بكر عندما خرج عليه بعض من أعداء الرسول و الإسلام فقالوا: من هذا يا أبوبكر؟ قال : هذا رجل يهديني الطريق . و خير هادي هو الهادي صلى الله عليه و سلم. هذه ذوقيات عالية. 

إن الذوق الإسلامي في قضية الضيوف عجيب ، فقد ثبت عن الرسول الله صلى الله عليه و سلم أنه ما استقبل بابا بعد أن طرقه مرة ، يعني لما يطرق الباب لا يظل واقفا هكذا ، و إنما يستدير إما على يمين الباب أو يسار الباب ، أو أنه كان يعطي ظهره للباب عليه الصلاة و السلام، هكذا علمنا هذا الذوق العجيب. و إذا دخلت كضيف إجلس في المكان الذي طلب مني صاحب البيت أن أجلس فيه ، و لا أجلس إلا إذا أذن لي بالجلوس.


حتى وصل الأمر أن أحد الصحابة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم و أربعة من الصحابة للأكل عنده، و يمر صحابي آخر فيرى النبي صلى الله عليه و سلم ومعه أربعة فتبعهم ، فلما طرق الباب و خرج صاحب الدار قال الرسول صلى الله عليه و سلم به ( لقد دعوتنا خمسة وهذا تبعنا ، فإن شئت قبلته، وإن شئت أرجعته)، فقال : قبلناه من أجلك يا رسول الله ، هذا أدب. 


حتى يصل الأمر إلى : (وإذا قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا). و لا داع لأن تقولها لي بلسانك، فمثلا أسألك: هل عندك وقت فراغ الآن ؟ تقول لي : و الله أنا مشغول ، ولا وقت لدي الآن ، و الله عندي مراجعة أمر ما مع الأولاد ، جزاك الله خير.أما إن قال لك بعد هذا : سوف أجلس معك ساعتين فقط إن شاء الله فهذا من قلة الذوق.


(وما اخذ بسيف الحياء فهو حرام) كما ورد في الأثر. إن بعض الأخوة الذي لم يدرسوا حقيقة الإسلام يمسك الهاتف الذي معك و يقول ما شاء الله هاتف جميل، هل تأذن لي بمكالمة قصيرة؟!!بالله عليكم ماذا تقول؟ هذا حرام ؛ لأنك تستغل حياء الطرف الآخر لتستغل ماله و أغراضه أو أدواته فينا لا يحل لك . فهذه الذوقيات في قضية الضيف، و كان صلى الله عليه و سلم إذا دعي – حتى في بيته وهو يأكل ، كان لا يرفض موجودا و لا يتكلف مفقودا.


لقد وضع الإسلام أدب الضيافة في كل حركة من حركات الحياة و إنما فيها من الذوق، حتى دخل رجل إلى المسجد النبوي فلما سلم أوسع له الرسول صلى الله عليه و سلم له ، فتعجب الأعرابي و قال : المسجد غير مزدحم يارسول الله، قال صلى الله عليه و سلم (يجب أن نتفسح لإخواننا إكراما لهم ) ، أي : انا في المسجد و أنت في المسجد ، كيف أظهر إكرامي لك و احترامي لك ؟ أتزحزح قليلا ، ( إِذَاقِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ)المجادلة : 11.


يروى أن أحد الأشخاص حلم ذات يوم بأن أسنانه كلها تساقطت فانزعج، وطلب مفسرا للأحلام! فقال له ( إن جميع أقربائك يموتون قبلك(، فتشاءم الرجل، ثم أحضر مفسرا آخر فقال نفس القول فزاد تشاؤمه، حتى جاء الثالث وكان ابن سيرين, فقال (إنك ستكون أطول أقربائك عمرا إن شاء الله تعالى (وأحسن إليه بجائزة مع العلم أن مضمون الآراء الثلاثة واحد.

 

ذوقيات البشاشة: ( إن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق) وذوقيات الأخوة (تهادوا تحابوا).

وبيّن صلى الله عليه وسلم ذوقيات تقديم الورود: (من عرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة).

 

إن من السهل واليسير أن نجلس في الغرف المكيفة، وعلى المقاعد الوثيرة، وتحت الإضاءة المبهرة ثم ننظم شعراً وكلاماً منمقاً حول موضوع الذوق و"الإتيكيت"، لكن العلة لا تتمحور حول الكلام والتنظير رغم أهميته، إنما تتمحور حول الممارسة العملية في واقع الحياة حتى لا يكون هنالك انفصام وانفصال بين النظرية والتطبيق والقول والفعل، ومن ثم يصبح الكلام بلا أثر ملموس فتتلاشى قيمته وتذهب هيبته، لأن كل قول لا يترتب عليه عمل يعد عبثاً وإهداراً للوقت وتشويهاً للحقيقة محل الكلام.

 

ولذلك فإن من الأولى ألا نتحدث عن الذوق كإحساس جمالي فقط، بل يجب أن نتحدث عنه كسلوك حياتي أيضاً، بحيث نرسى لدى الناس فهماً و إدراكاً بكيفية أدائه وخطوات تنميته ليصبح اسماً على مسمى، لا أن يصبح حبراً على ورق.

 

فكيف نربى أولادنا على الذوق بينما تخترق آذانهم وعيونهم وقلوبهم تلك المشاهد التي يذبح فيها الذوق ذبحاً؟ كيف يحترم أولادنا معنى الذوق، بينما صورته بعض الأفكار على أنه نوع من الخيبة، وقلة الحيلة من خلال التكريس لمفاهيم (الفهلوة) و"المفهومية"، وغيرها من عاميات قبيحة تحكمت في كلماتنا وأفعالنا؟ كيف يقيم أولادنا للذوق وزناً بينما لا نضحك فرحاً إلا من إتيان نقيضه؟.

 

وتأسيساً على موقف الإسلام من الحسن والجمال يتحمل الآباء والمربون تعميق هذا الشعور في نفس الطفل والناشىء وتحبيب الجمال إليهما، فان تربيته على تلك القيم تعني تربية الذوق والحسن الجمالي عندهما وتهذيب سلوكهما وأخلاقهما والحس الوجداني لديهما وتعميق القدرة عندهما على التمييز بين الحسن والقبيح، والتفاعل مع الجمال المادّي والمعنوي.


إن تدريب الطفل منذ نشأته على الأناقة ومشاهدته للعناية الأسرية بمظاهر الأناقة والجمال، وحثه على حسن ترتيب أدواته المدرسية والعناية بمظهره، ومشاهدته آثار الجمال في البيت، في هندسته وألوانه وحديقته، في باقات الأزهار... وفي اللوحة الفنية في البيت والمشاهدات التلفزيونية والمجلات والمصورات ومحفظة الأسرة الصورية (الألبوم) وفي حديقة البيت والطيور التي ترى فيها، بل وفي تنظيم مائدة الطعام وتصفيف الفاكهة في الأواني. كل ذلك يعلم ويدرب الطفل كيف يكون خلقه الذوق...