إن من أساسيات التربية الإيمانية العمل علي تعميق حب رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس الأطفال. إن الإكثار من الحديث عن رسول الله وسيرته العطرة وسننه الكريمة لهو الوسيلة الهامة لمعرفة حقيقة المنهج النبوي الذي يراد العيش وفقه. إن تمثل حياة النبي الكريم بكل تفاصيلها والإقتداء بها من قبل أولياء الأمور والمربين والطلب من أطفالنا وطلبتنا تمثل ذلك منهجا في حياتهم لهو كفيل أن يعمق الحقيقة العملية لهذا الدين وكونه منهج حياة بكل تفاصيلها. كم من أطفالنا قد تعودوا الصلاة على النبي كذكر دوري لا ينقضي يوم حتى يقوموا به؟!! إن ذكره ودوام الصلاة عليه يعتبر من مقومات تعميق حبه صلى الله عليه وسلم في النفوس. ثم إن الالتزام بالسنن منذ الصغر يعمق حقيقة الإقتداء بالرسول الكريم.

 

ما أجمل أن تجلس الأسرة معا في كل يوم للطعام فأول ما يبدأ به دعاء الطعام ويتلوه أصغر الأطفال سنا, من أجل حمد الله على ما أنعم وشكره على ما أوهب. وفي ذلك أيضا إقتداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولنتخيل لو أن الحياة كلها كانت على هذا النهج النبوي الكريم, فينشأ الأولاد على المنهج النبوي الذي أراده الله لهذه الأمة. وما أجمل كذلك أن يجلس الأب ولده في حضنه أثناء تلاوته للقرآن الكريم فيرى الولد معالم وجه الأب عند التلاوة من وقار وجلال وخشوع, فيعلم عظمة الأمر وهيبته, فيرسخ ذلك في نفسه ويرتفع شأن هذا الأمر عنده. وما أجمل أيضا أن تصلي الأم وبجانبها طفلها الذي لم يبلغ الثانية من عمره, فيتمتم ما شاء له أن يتمتم ويتحرك ركوعا وسجودا ما شاء له القدر أن يتحرك. إن ذلك كله لا بد أن ينمي من الإيمانيات في حياة الطفولة البريئة ما تصقل شخصيات الأطفال بكل خير وحق.

 

وما أن نصل بالطفل سن السابعة تماما إلا ونجلس معه جلسة خاصة بالصلاة تطبيقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين, واضربوهم عليها وهم أبناء عشر, وفرقوا بينهم في المضاجع". إذا لا بد من تطبيق دقيق لهذا المنهج النبوي الكريم الذي يهدف إلى ترسيخ معالم وأسس التربية الإيمانية في شخصية الطفل. فلنتخيل لو أن كل والد ومرب أمر ابنه للصلاة حال وصوله سن السابعة - والأمر هنا لتأكيد الاهتمام بهذه الشعيرة العظيمة وليس على وجه الوجوب - وأخذ يكرر ذلك عليه بتحبب وترغيب وتشجيع مستمر كل يوم, فان الطفل لن يصل إلى سن البلوغ إلا ويعلم أن الصلاة منهج للحياة لا يمكن أن تستقيم الحياة الحقيقية إلا بها, ولا يمكن أن يتخيل حياته دون صلاة.

 

ثم انه من الأهمية بمكان أن نعلم الطفل أساسيات الحلال والحرام باللغة التي يفهمها. ويمكن أن نبتدئ الحديث معه أن هذا صواب وذاك خطأ. أو أن هذا يحبه الله وذاك لا يحبه. فإذا ما كبروا فان مصطلحات الحديث معهم حول هذا الموضوع ستكبر أيضا. يقول صلى الله عليه وسلم: " اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله, ومروا أولادكم بامتثال الأوامر, واجتناب النواهي, فذلك وقاية لهم من النار". انه أمر بالوجوب أن نتحدث مع أبنائنا بما شرعه الله. وواحدة من الطرق الأكثر تأثيرا في الأطفال أن يكون هناك درس أو قراءة في كتاب إيماني لأهل البيت أسبوعيا مثلا ليتم التعرف على شرع الله ومنهجه القويم. إن مثل هذا النشاط سيشعر الأطفال أن لحياتهم هدفا ساميا ورفيعا ويستحق التضحية لأجله.